تنتمي عائلة مال الله في الكويت إلى صُلب القبائل النصورية العريقة، التي تعود بأصولها إلى بني خالد من فخذ الجبور، وفق ما وثقته مشجرات القبائل ومؤلفات المؤرخين ككتاب "التاريخ البحري لعائلة مال الله" لخالد ياسين مال الله. هذه الجذور الضاربة في عمق الجزيرة العربية تجعلهم امتدادًا طبيعيًا لدولة بني خالد الجبرية، التي حكمت شرق نجد والأحساء وسيطرت على سواحل الخليج من القرن الخامس عشر حتى الثامن عشر.
بدأت رحلة العائلة مع هجرة أسلافهم من الأحساء إلى بر فارس (الساحل الشرقي للخليج) قبل نحو مئتي عام، فرارًا من الصراعات القبلية وضغوط الدولة العثمانية. هناك، استقروا في قرى الصيادين وعاشوا على الأنشطة البحرية، لكن مضايقات السلطات الفارسية دفعتهم للرحيل مجددًا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. قاد النوخذة أحمد مال الله رحلة العبور إلى جزيرة فيلكا الكويتية، التي اختاروها لخصوبة أرضها ووفرة صيدها، فكانوا من أوائل المؤسسين لحياة الاستقرار في الجزيرة.
برزت العائلة كأعمدة الاقتصاد البحري الكويتي عبر ثلاثة محاور:
الغوص على اللؤلؤ: امتلكوا أسطولًا من "البغلات" و"البتيلات"، أشهرها "فتح الخير" و"بيان"، وبلغوا بسفنهم حتى سيلان (سريلانكا حاليًا). وقد سجل الديوان الأميري الكويتي ضرائب غوص دفعت بأسماء نواخذتهم كـ "أحمد مال الله يوسف" عام 1330هـ.
السفر الشراعي: اختصوا برحلات الهند وزنجبار، مستفيدين من معرفتهم بمسالك الرياح الموسمية. فسفينة "الكمانه" بقيادة النوخذة عيسى عبدالعزيز مال الله – الذي وصفه المؤرخون بـ "عالم البحار" لإتقانه علوم الفلك والملاحة – كانت نموذجًا للقدرات البحرية المتقدمة.
صيد الأسماك: طوّروا "الجلابيت" و"اللنشات" لصيد أسماك الخليج، مستغلين مواقع كـ "نقعة مال الله الشمالية" في فيلكا.
لم يقتصر نجاحهم على البحر؛ فقد أسسوا في فيلكا:
"البيت الكبير": مجمع سكني مساحته 4,500 متر، يضم أربعة أفنية للعائلة والحيوانات ومخازن القمح.
المزارع الواسعة: حيث زرعوا القمح باستخدام الخيول للدرس، وصدّروا الفائض إلى الكويت.
المسجد الشمالي: الذي بناه النوخذة أحمد مال الله يوسف أوائل القرن العشرين.
ومن أبرز رجالاتهم:
النوخذة حسن أحمد مال الله (1886-1957): صنّفه المؤرخ سيف مرزوق الشملان في مصاف "آخر عمالقة الغوص"، وقد خلّدت وثائقه الشخصية – المحفوظة في أرشيف العائلة – رحلاته إلى الهند وزنجبار.
حسين محمد يوسف مال الله (1935-2010): أول مختار لفيلكا، وقاد مقاومة سلمية ضد الاحتلال العراقي عام 1990.
إبراهيم إسماعيل مال الله: شاهد حي على تاريخ فيلكا، دوّن في مذكراته تفاصيل العصر الذهبي للجزيرة.